هيكل رأس المال المثالي

تبحث جميع الشركات ومؤسسات الاعمال للإجابة على سؤال في غاية الأهمية وهو ما هو رأس المال الأمثل للشركة او للمؤسسة وما هو تعربف راس المال وما هو مزيج راس المال المثالي وكيف يمكن للإدارة المالية للشركة المساهمة او اتخاذ قرار راس المال النموذجي، واحد من أحد اهداف الإدارة المالية هو إيجاد شكل مال نموذجي وهو المزيج من حقوق الملكية والديون الذي يعظم القيمة السوقية للشركة

وتسعي الإدارة المالية الي تحقيق هذا الهدف من خلال الاعتماد على ثلاث أنواع من القرارات وهي:

موازنة راس المال

هيكل راس المال

إدارة راس المال العامل

مصادر التمويل وهيكل راس المال

يمكن تعريف التمويل بانه هو توفير المبالغ اللازمة لدفع وتطوير الشركة او امداد الشركة بالأموال اللازمة عند الحاجة اليها وقد يتم هذا التمويل عن طريق حقوق الملكية او من التمويل بالدين او كلاهما وتلعب الادارة المالية دوراً هاماً في تحديد المزيج الذي يحقق تعظيم القيمة السوقية للشركة وبالتالي تعظيم ثروة المساهمين او ملاك الشركة ويختلف هذا الهدف عن هدف تعظيم الأرباح الذي يعتبر انه هدف قصير الاجل ويتجاهل العديد من العوامل الهامة كتوقيت العائد والتدفقات النقدية والمخاطرة ، وبالتالي فان هدف الإدارة المالية هو تعظيم القيمة السوقية للشركة الذي يعتبر مفهوم أوسع يتضمن تطوير وتوزيع موارد الشركة المتاحة بكفاءة في الاجل الطويل بالشكل الذي يحقق اقصي استفادة من هذه الموارد بما ينعكس على قيمة الشركة ومن ثم على ثروة المساهمين والملاك

والتمويل بالملكية قد يتم عن طريق اما عن طريق اصدار الأسهم العادية او من خلال الأسهم الممتازة او من خلال الأرباح المحتجزة في حين ان التمويل بالدين قد يتم اما عن طريق اصدار السندات او من خلال القروض البنكية

هيكل رأس المال Capital Structure

يعبر عن طريقة الحصول على التمويل طويل الأجل، وهنو تركيبة التمويل بين أدوات الدين وحقوق الملكية من خلال اختيار المزيج الأمثل الذي يحقق اقل تكلفة للتمويل ويعظم القيمة السوقية للشركة وكذلك لابد من تحديد الوقت والآلية للحصول على هذا التمويل.

نظريات هيكل رأس المال

النظرية التقليدية

وتعرف هيكل رأس المال الأمثل بانه يتحقق من خلال الاقتراض المعقول الذي يحقق التوازن بين مخاطر الدين وبين مزايا الدين الناتجة عنه وتشير هذه النظرية الي ان الاقتراض المفرط يزيد من مخاطر الشركة ومن مخاطر الإفلاس وبالتالي عدم الإيفاء بديونها

نظرية موديجلياني وميلر M&M THEORY

وقامت هذه النظرية على أساس نفى أي علاقة بين هيكل رأس المال والقيمة السوقية للشركة أي ان قرار التمويل لا يؤدي الي زيادة او خفض القيمة السوقية للشركة ، وبالتالي فان الشركات التي تتشابه في جميع النواحي ولكن تختلف في هياكلها التمويلية عادة ما تكون قيمها السوقية متساوية ، وتم تطوير هذه النظرية لاحقاٍ في العام 1963م حيث تم الاخذ في الاعتبار الأثر الضريبي في تحديد القيم السوقية للشركات حيث خلص تطوير النظرية الي ان الضريبة لها اثر من حيث الاقتراض يعتبر بمثابة وفر او درع ضريبي وبالتالي خلصت الي ان الشركة المقترضة تتميز بوفر ضريبي لا يتحقق للشركة التي يتم تمويلها عن طريق حقوق الملكية وبالتالي فان القيمة السوقية للشركة المقترضة عادة ما تكون اكبر من القيمة السوقية التي يتم تمول من مواردها الذاتية ( أي من خلال حقوق الملكية ) وبالتالي فان هناك علاقة بين قرار التمويل والقيمة السوقية لاسهم الشركة

نظرية التدفقات النقدية الحرة

وتقوم هذه النظرية على الربط بين مفهوم تكاليف الوكالة وعلاقتها بهيكل راس مال الشركة، وتكلفة الوكالة هي تكلفة قيام ملاك الشركة بتعيين إدارة تنفيذية للشركة لإدارتها نيابة عنهم وتتضمن تكلفة التعارض بين مصالح المساهمين ومصالح الإدارة

وتقوم هذه النظرية على ان الاقتراض يفرض قيود على الإدارة التنفيذية للشرك ولا يمنحها حرية التصرف في الأموال او إساءة استخدام النقدية الفائضة لديها، كما ان الاقتراض قد يشكل تهديد للشركة بالفشل المالي في حالة التعثر او عدم القدرة على السداد وبالتالي فان الإدارة سوف تعمل بجهد أكبر وكفاءة لتجنب كل المخاطر مما سيخفض من تكلفة الوكالة

نظرية تسلسل اختيار مصدر التمويل

وتقوم هذه النظرية على ترتيب التمويل طويل الاجل حسب أفضليته للشركات يكون على النحو التالي من خلال التمويل الداخلي عن طريق الأرباح المحتجزة او الاحتياطات وفي حالة الحوجة الي تمويل خارجي فعلى الشركة اصدار سندات دين وفي حال تعذر التمويل من خلال السندات تلجأ الشركات الي اصدار أوراق مالية مهجنة مثل السندات القابلة للتحويل او الأسهم الممتازة القابلة للتحويل وأشارت النظرية الي ان خر ملاذ للشركة هو خيار اصدار الأسهم العادية

نظرية الإشارات

تقوم هذه النظرية على المحتوى الإعلامي لاختيار مصدر التمويل حيث تقوم هذه النظرية على أساس ان استخدام التمويل عن طريق حقوق الملكية يعطي إشارة سلبية للمستثمرين (لأنه يتضمن رسالة للسوق مفادها ان أسعار أسهم هذه الشركة مقيمة بأكثر من قيمتها الحقيقية) في حين ان استخدام التمويل بالدين يعطي إشارة إيجابية للمستثمرين وخلصت هذه النظرية الي ان التمويل بالدين له افضلية على التمويل عن طريق حقوق الملكية

تكلفة رأس المال Weighted Average Cost of Capital (WACC)

التكلفة الكلية لرأس المال يتم استخدامها كمعامل خصم التدفقات النقدية عند تقييم أي مشروع او استثمار، حيث يتم خصم التدفقات النقدية المستقبلية للشركة بناء على هذا المعدل أعلاه للحصول على القيمة الحالية، ويتم احتساب تكلفة راس المال كالتالي: عن طريق احتساب تكلفة كل مصدر من مصادر التمويل وكذلك احتساب نسبة كل مصدر من مصادر التمويل الى نسبته في هيكل التمويل ومن ثم ضرب تكلفة كل مصدر بنسبته ومن ثم تجميع النتيجة ليكون الناتج هو المتوسط الموزون لتكلفة رأس المال

المتوسط الموزون لتكلفة راس المال =

(تكلفة الأسهم العادية × نسبة الأسهم العادية)

+(تكلفة الأرباح المحتجزة × نسبة الأرباح المحتجزة)

+(تكلفة الأسهم الممتازة × نسبة الأسهم الممتازة)

+(تكلفة السندات × نسبة السندات (1- معدل الضريبة))

+(تكلفة القروض*نسبة القروض (1-معدل الضريبة))

ويمكن تفسير نتيجة هذه المعادلة كالتالي انه الحد الأدنى الذي يجب ان تحصل عليه الشركة من اعمالها فان كان العائد اقل من هذا المعدل بالتالي ان الشركة تسير اعمالها بخسارة أي انه يجب مقارنته بمعدل العائد على الأصول (العائد على الاستثمار) وكلما زاد معدل راس المال الموزون زادت مخاطرة الشركة وتدني تقييم الشركة بالسوق

ما هو الهيكل المثالي لشركة ما

عادة ما يختلف هيكل التمويل من شركة لأخرى باختلاف مكونات الأموال ودرجة الاعتماد على عنصر منها دون الآخر. كما قد يختلف هذا الهيكل للشركة نفسها من وقت لآخر، حيث تواجه الشركة في بداية وجودها صعوبة الحصول على تمويلات خارجية لعدم معرفة الممولين بها مما يجعلها تعتمد في هذه المرحلة على مواردها الذاتية المتمثلة في رأسمالها فقط حيث انها شركة ناشئة ليس لديها أرباح او احتياطات تستطيع الاعتماد عليها وفي حال حوجتها الي تمويلات إضافية في هذه المرحلة فغالبا ما تحصل عليه من خلال أصحاب وملاك الشركة ، اما في المرحلة الثانية من حياتها فقد تستطيع الحصول بالإضافة الي رأسمالها الحصول على ائتمان او قروض ولكنها مقروض محدودة ومضمونة برهونات وضمانات لعدم اكتمال الثقة الائتمانية الكاملة بها وغالبا ما تكون هذه القروض والائتمان بمبالغ بسيطة ولفترات قصيرة .أما في المرحلة التالية فهي تعتمد على رأس المال والاحتياطيات والمخصصات وكذا الائتمان الذى يكون عادة بشروط ميسرة بالإضافة إلى القروض التي تكون في هذه المرحلة بدون حذر، وفيما يتعلق بالمرحلة الأخيرة من دورة حياة الشركة فان هيكل التمويل يعتمد على رأس المال وما قد يكون لديها من احتياطيات ومخصصات بالإضافة إلى الائتمان التجاري الذى يكون عادة بشروط قاسية، وقد تختفى القروض في هذه المرحلة وتتشابه هذه المرحلة مع المرحلة الثانية في ان الشركة لا تستطيع الحصول على التمويل الخارجي الا بشروط غاية في الصعوبة ولأغراض محددة ولفترات ائتمان قصيرة الاجل وبضمانات ورهونات كبيرة .

هيكل التمويل من الناحية الإسلامية

كما أسلفنا ان مصادر التمويل تنقسم الي مصادر داخلية ومصادر خارجية واوضحنا ان المصادر الداخلية تتمثل في التمويل بحقوق الملكية من أسهم عادية وارباح محتجزة واحتياطات في حين ان المصادر الخارجية تتمثل في التمويل بالدين واضحنا اهم المصادر الممثلة في التمويل السندات او التمويل من خلال القروض البنكية ۔

ان مصادر التمويل الداخلية تتماشي مع مبادئ واحكام الشريعة الإسلامية كونها خالية من الربا ومن العناصر الأخرى التي تحمل شبهات وان كان لابد من النظر في المصادر التي تحققت منها أرباح الشركة للتأكد من مشروعية تحقق تلك الأرباح وتنقيتها ان لزم ذلك ، الا انه بخصوص مصادر التمويل الخارجية والتي تتضمن ربا واضحا فهنا يكون التحفظ علي مشروعية تلك المصادر خاصة وان تلك المصادر المتمثلة بالتمويل بالسندات او التمويل من خلال قروض البنكية تحتمل في ثناياها ربا واضح يتمثل في سعر الفائدة وهو ما يخالف بشكل صريح احكام الشريعة الإسلامية التي تنص انه لا ربح مسبق ولا ربح مضمون وانما تقوم فكرة التمويل أساسا علي مبدأ المشاركة في الربح والخسارة ومبدأ الغُنْم بالغُرْم حيث تعتبر هذه القاعدة (الغُنْم بالغُرْم ) من القواعد الفقهية الهامة والتي تعني ان ما يتكبده الشخص من تكلفة وخسائر فله ان يستفيد من مزايا ومخرجات هذا الشيء الذي قام بتحمل تكلفته وخسائره، وبالتالي فان له الحق في ان ينتفع بمنافعه، أي ان المستثمر في المؤسسات المالية الإسلامية لا يضمن الغُنْم كاملاً في حين يتحمل الطرف الآخر الغُرْم بأكمله، فمثلا اذا افترضنا عقد بيع فان اجرة كتابته وتوثيقه تكون على الطرف المشتري وليس البائع لان منفعة عقد البيع تعود له وليس البائع

استعاض الفكر الإسلامي بمجموعة من الأدوات التي تستطيع ان تحل مصادر التمويل الخارجية كالسندات والقروض البنكية الربوية مع الإشارة الي ان الفكر الاقتصادي الإسلامي لا يرفض هذه المصادر رفضاً قاطعاً وانما يطالب بان تكون المصادر الخارجية والداخلية متوافقة مع احكام ومبادئ الشريعة الإسلامية ، ومن ضمن تلك الحلول التي قدمها الفكر الاقتصادي الإسلامي الصكوك كصكوك المضاربة المقيدة او المطلقة او مختلف أنواع الصكوك مثل الصكوك القابلة للتحول الي اسهم او صكوك المشاركات التي قد تمثل مصدرا من مصادر التمويل الخارجي ، كما ان المصارف الإسلامية قد قدمت العديد من الحلول المتوافقة مع احكام الشريعة الإسلامية والتي تلبي متطلبات مختلف منظمات الاعمال كالمشاركات والمقاولات والمرابحات والصيغ التمويلية الأخرى وبالتالي يمكن القول ان هناك توافق وتطابق الفكر الاقتصادي الإسلامي والمنهج التقليدي في عناصر أو مكونات هيكل مصادر التمويل الداخلية ( التمويل من خلال حقوق الملكية) الا انهما لا يتفقان فيما يخص التمويل عبر المصادر الخارجية حيث يتميز الفكر الاقتصادي الإسلامي بالمرونة وسهولة تقديم مختلف أنواع التمويل الخارجي لمنظمات الاعمال بغض النظر عن طبيعة اعمالها طالما اتفاق تلك المصادر مع احكام الشريعة الإسلامية حيث يقدم على سبيل المثال لا الحصر للقطاع الزراعي حلول تمويلية تتماشي مع طبيعة هذا القطاع كالمزارعة والمغارسة والسلم في حين ان الفكر التقليدي لا يقدم تلك الحلول وانما يقدم التمويل بفائدة بغض النظر عن طبيعة القطاع وحوجته بالتالي جموده في هذا الجانب ، كما ان الفكر الاقتصادي الإسلامي يقوم على مبدأ المشاركة في الربح والخسارة في حين الفكر التقليدي يقوم على احتساب الفوائد مقدما وضمان استرداد حقوقه المتمثلة في اصل التمويل او القرض او اصل قيمة السند دون النظر الي نجاح المشروع من عدمه

Ahmed Marzouk

Manager at Deloitte UK | CPA

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *